کد مطلب:58514 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:139
[صفحه 291] والمراد به إستدلالاً: وهو النصّ الذی فیه التصریح بالإمامة والخلافة مثل، قوله صلی الله علیه وآله «سلّموا علی علیً بإمرة المؤمنین»[1] . وقوله صلوات الله علیه وآله مشیرا إلیه وآخذا بیده: «هذا خلیفتی فیكم من بعدی فاسمعوا له وأطیعوه»[2] . وقوله صلّی الله علیه وآله وسلّم لأمّ سلمة: «اسمعی واشهدی هذا علی أمیر المؤمنین وسیّد المسلمین»[3] . وقوله علیه وآله السلام حین جمع بنی عبدالمطّلب فی دار أبی طالبوهم أربعون رجلاً یومئذ یزیدون رجلاً أو ینقصون رجلاً ـ فیما ذكره الرواة ـوقد صنع لهم فخذ شاة مع مدّ من البرّ، وأعدّ لهم صاعاً من اللبن، وقد كان الرجال منهم یأكل الجذعة فی مقام واحد ویشرب الفرق من الشراب، ثمّ أمر بتقدیمه لهم، فأكلت الجماعة من ذلك الیسیر حتّی تملّوا منه ولم یبیّن ما أكلوه وشربوه فیه. ثمّ قال لهم بعدأن شبعوا ورووا: یابنی عبد المطّلب، إنّ الله قد بعثنی إلی الخلق كافّة، وبعثنی إلیكم خاصّة فقال: (وَاَنذِر عَشِیرَتَكَ الأقرَبینَ)[4] وأنا أدعوكم إلی كلمتین خفیفتین علی اللسان، ثقیلتین فی المیزان، تَملكون بهما العرب والعجم، وتنقاد لكم بهما الأمم، وتدخلون بهما الجنَة، وتنجون بهما من النار: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّی رسول الله، فمن یجیبنی إلی هذا الأمر ویؤازرنی علی القیام به یكن أخی ووصیّی ووزیری ووارثی وخلیفتی من [صفحه 292] بعدی»؟ فلم یجب أحد منهم. فقام علیّ علیه السلام فقال: «أنا یا رسول الله اُؤازرك علی هذا الأمر». فقال: «اجلس». ثم أعاد القول علی القوم ثانیة فاصمتوا وقام علی فقال مثل مقالته الاُولی، فقال: «اجلس». فاعاد القول ثالثة فلم ینطق أحد منهم بحرف، فقام علی فقال: «أنا اُؤازرك یا رسول الله علی هذا الأمر». فقال: «اجلس فأنت أخی ووصیّی ووزیری ووارثی وخلیفتی من بعدی». فنهض القوم وهم یقولون لأبی طالب: لیهنك الیوم إن دخلت فی دین ابن أخیك، فقد جعل ابنك أمیراً علیك[5] . وقد أورد هذا الخبر الاُستاذ أبو سعید الخركوشی إمام أصحابالحدیث بنیشابور فی تفسیره[6] . وهذا الضرب من النص قد تفرّد بنقله الشیعة الإمامیة خاصّة، وإن كانبعض من لم یفطن لما علیه فیه من أصحاب الحدیث قد روی شیئاً منه. وأمّا الدلالة علی تصحیح هذا النصّ فقد سطرها أصحابنا فی كتبهم، وذكروا من الكلام فی إثباته وإبطال ما خرج المخالفون فیه ما ربّما بلغ حجم [صفحه 293] كتابنا هذا أو أكثر، فمن أراد تحقیق أبوابه والتغلغل فی شعابه فعلیه بالكتابالشافی، فإنّه یشرف منه علی ما لا یمكن المزید علیه. وأمّا النصّ الذی یسمِّیه أصحابنا النصّ الخفیّ فهو ما لا یقطع علیأنِّ سامعیه علموا النصّ علیه بالإمامة منه ضرورة، وإن كان لا یمتنع أن یكونوا یعلمونه كذلك أو علموه استدلالاً، من حیث اعتبار دلالة اللفظ، وأمّا نحن فلا نعلم ثبوته، والمراد به إلاّ استدلالاً، وهذا الضرب سن النصّ علی ضربین: قرانیٌّ، وأخباریٌّ. فأمّا النصّ من القرآن: فقوله سبحانه وتعالی: (إنّما وَلِیكم الله وَرَسوله وَالَّذِینَ آمَنوا الَذِینَ یُقِیمُونَ الصلوةَ وَیُؤتونَ الزَّكوةَ وَهْم راكِعونَ)[7] . ووجه الاستدلال من هذه الایة: أنه قد ثبت أن المراد بلفظة (ولیكم) المذكورة فی ألآیة: من كان المتحقق بتدبیركم والقیام باُموركم وتجب طاعته علیكم، بدلالة أنّهم یقولون فی السلطان: أنَه ولی أمر الرعیة، وفیمن ترشح للخلافة: أنه ولیّ عهد المسلمین، وفی من یملك تدبیر انكاح المرأة: أنَة ولیّها، وفی عصبة المقتول: أنّهم أولیاء الدم، من حیث كانت إلیهم المطالبة بالدم والعفو. وقال المبرد فی كتابه: الولی هو الأولی والأحق، ومثله المولی[8] . فإذا كان حقیقته فی اللغة ذلك فالذی یدل علی أنّه المراد فی الایة: أنَه قد ثبت أنّ المراد بـ (الذین امنوا) لیس هو جمیعهم بل بعضهم، وهو منكانت له الصفة المخصوصة التی هی إیتاء الزكاة فی حال الركوع. [صفحه 294] وقد علمنا أنّ هذه الصفة لم تثبت لغیر أمیر المؤمنین علیه السلام، فإذا ثبت توجّه الآیة إلی بعض المؤمنین دون جمیعهم، ونفی سبحانه ما أثبته عمّن عدا المذكور بلفظة (إنّما) لأنها محققة لما ذكرنا فیه لما لم یذكره ـ یبینه قولهم: إنّما الفصاحة فی الشعر للجاهلیة، یریدون نفی الفصاحة عن غیرهم، وإنّما النحاة المدققون البصریّون یریدون نفی التدقیق عن غیرهم، وإنّما اكلت رغیفاً یریدون نفی أكل أكثر من رغیف - فیجب أن یكون المراد بلفظة (ولیّ) فی الآیة ما یرجع إلی معنی الإمامة والاختصاص بالتدبیر، لأنما تحمله هذه اللفظة من الموالاة فی الدین والمحبّة لا تخصص فی ذلك، والمؤمنون كلهم مشتركون فی معناه، فقد قال الله سبحانه: (والمؤمنونَ وَالمؤمِناتُ بَعضُهم أَولِیاءُ بَعضٍ)[9] فإذا ثبت ذلك فالذی یدلّ علی توجه لفظة (الذین امنوا) إلی أمیر المؤمنین علیه السلام أشیاء: منها: قد ورد الخبر فی ذلك بنقل طائفتین مختلفتین ومن طریق العامّة والخاصة نزول الأیة فی أمیر المؤمنین عند تصدقه بخاتمه فی حال ركوعه، والقصة فی ذلك مشهورة[10] . ومنها: أن الاُمة قد اجمعت علی توجهها إلیه علیه السلام، لأنها بین قائلین: قائل یقول: ان المراد بها جمیع المؤمنین الذین هو أحدهم، وقائل یقول: إنه المختص بها. ومنها: أن كلّ من ذهب إلی أن المراد بالأیة ما ذكرناه من معنی الإمامة [صفحه 295] یذهب إلی أنه علیه السلام هو المراد بها والمقصود، ویدل علی أنه علیه السلام المختصّ بالآیة هو دون غیره، أن الإمامة إذا بطل ثبوتها لأكثر من واحد فی الزمان، واقتضت اللفظة الإمامة، وتوجّهت إلیه علیه السلام بما قدّمناه ثبت أنّه علیه السلام المنفرد بها، ولأنّ كلّ من ذهب إلی أن اللفظة مقتضیة للإمامة افرده علیه السلام بموجبها، وما یورد فی هذا الدلیل من الأسئلة والجوابات فموضعها الكتب الكبار.
وأمّا النص المختص بالقول فینقسم قسمین: النص الجلی، والنصّ الخفیّ. فالنص الجلیّ: هو ما علم سامعوه من الرسول صلَی الله علیه وآله وسلّم مراده منه ضرورة وإن كنَا نعلم الآن ثبوته.
صفحه 291، 292، 293، 294، 295.